سورة النحل - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


فالنفوس في حَمْلها كالدواب، والقلوب معتقة عن التغنِّي في الأسباب. {وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ}: كما أن أهل الجنة من المؤمنين يجدون في الآخرة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خَطَرَ على قلب بَشَرٍ فكذلك أرباب الحقائق يجدون- اليومَ- ما لم يخطر قطُّ على بال، ولا قرأوا في كتاب، ولا تلقنوه من أستاذ، ولا إِحاطة بما أخبر الحق أنه لا يعلم تفصيله سواه.. وكيف يعلم من أخبر الحقُّ- سبحانه- أنه لا يعلم؟.


قومٌ هداهم السبيل، وعرَّفَهم الدليل، فصرفَ عن قلوبهم خواطر الشكِّ، وَعصَمَهم عن الجُحْدِ والشِّرْك، وأَطْلَعَ في قلوبهم شمسَ العرفان، وأفردهم بنور البيان. وآخرون أضلّهم وأغواهم، وعن شهود الحُجَجِ أعماهم، وفي سابقُ حكْمِه من غير سببٍ أَذَلَّهم وقمعهم، ولو شاء لعرَّفهم وهداهم.


أنزل المطر وجعل به سُقيا النبات، وأجرى العادة بأن يديمَ به الحياة، وينبت به الأشجار، ويخرج الثمار، ويجري الأنهار.
ثم قال: {إِنَّ فِى ذَلِكَ لأَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ثم قال بعده بآيات: {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}، ثم قال بعده: {لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ}، وعلى هذا الترتيب تحصل المعرفة؛ فأولاً التفكر ثم العلم ثم التذكر، أولاً يضع النظر موضعه فإذا لم يكن في نظره خَلَلٌ وجب له العلم لا محالة، ولا فرق بين العلم والعقل في الحقيقة، ثم بعده استدامة النظر وهو التذكر.
ويقال إنما قال: {لأَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}: على الجمع لأنه يحصل له كثير من العلوم حتى يصير عارفاً بربِّه آياتُ ودلائل، لأن دليل هذه المسألة خلاف دليل تلك المسألة، فبدليل واحد يعلم وَجْهَ النظر، وبأدلة كثيرة يصير عارفاً بربه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8